شرت صحيفة \” القدس العربي\” اللندنية ( 4 تموز 2008) تقريرا أفاد أن \” الأردن دخل على خط المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية\” في اتجاه اتفاق ثلاثي على دولة مؤقتة في قسم من الضفة الغربية ، تنضم إلى الأردن في \” المملكة الأردنية الفلسطينية الهاشمية \” . وهي الأطروحة التي تضمنتها وثيقة باسم عوض الله ـ صائب عريقات ، وتلقى دعما أميركيا ، وتستجيب لرغبة \” إسرائيلية\”.
يصطدم حل الدولتين على المسار الفلسطيني باللاءات \” الإسرائيلية\” ، المدعومة أميركيا : لا لحدود ال67 ، ولا لتفكيك الكتل الاستيطانية ، ولا للانسحاب من غور الأردن ، ولا للانسحاب من القدس الشرقية ، ولا للاتصال الجغرافي أو حتى السياسي مع غزة ، ولا لعودة اللاجئين إلى ديارهم في فلسطين ال 48.
ولا يمكن ، في ظل هذه اللاءات ، إنشاء دولة فلسطينية من أي نوع ، بل كانتونات منفصلة في أقل من نصف الضفة، بلا حدود دولية ، بالإضافة إلى كانتون غزة . إلى أين سيعود اللاجئون ؟ لقد كان الاتجاه هو لاستيعابهم في الدولة الفلسطينية المستقلة المتصلة ضمن حدود ال67 . ولكن الكانتونات المعروضة لا تستطيع استيعاب أحد من اللاجئين ، بل أنها تفيض بسكانها الذين سيكونون مضطرين إلى الهجرة .
المخرج المقترح من هذا المأزق ، كما تراه واشنطن وتل أبيب ـ ويلقى قبولا من السلطة الفلسطينية ، هو إعلان دولة فلسطينية مؤقتة تنضم إلى الأردن في صيغة فدرالية أو كونفدرالية ، تكون إطارا لإدارة كانتونات ما وراء الجدار ، وترحيل المشكلة الديمغرافية والسياسية الفلسطينية على الأردن المطلوب منه ، إذن، استيعاب اللاجئين.
المخرج المطروح هو (1) على حساب استقلال وسيادة المملكة الأردنية التي ستضطر ، بالكونفدرالية او الفدرالية، إلى الخضوع الواقعي للترتيبات الأمنية والعسكرية \” الإسرائيلية\”، (2) وعلى حساب الكيان الأردني وهويته ومصالح شعبه (3) وعلى حساب الأمن الوطني الأردني.
من الطبيعي أن الأردنيين سيرفضون رفضا قاطعا هذا المخرج الذي يهدد وجودهم ومصالحهم وأمنهم . ولن ينفع الأميركيين و\” الإسرائيليين\”، في هذا المقام، التلويح بانفراج اقتصادي ، ولا التخويف ، ولا استخدام كتبة قومجيين أو من جماعة \” المجتمع المدني \” المموّل ، لتسويغ تصفية القضية الفلسطينية في الأردن تحت شعارات وحدوية أو شعارات \” مدنية \” و\” ديمقراطية\” . فالشعب الأردني سيكون قلعة لا تلين في مواجهة إلغاء وجوده الوطني.
ولا يمكن مقارنة الفدرالية أو الكونفدرالية المطروحة الآن بوحدة الضفتين العام 1950: أولا، لأن تلك الوحدة كانت مع أرض منتزعة، بالقوة، من \” إسرائيل\” ومؤسسة على أن الضفة وديعة لدى الأردن لحين تحرير فلسطين وإنهاء دولة \” إسرائيل\” وعودة اللاجئين ، وليس على اساس تصفية القضية الفلسطينية ، وثانيا ، لأننا الآن لسنا بإزاء وحدة مع الضفة الغربية في حدود الهدنة ، بل مع أجزاء منها ، لا تزيد عن نصفها مفتتة في كانتونات معزولة بالوجود الاستيطاني والاحتلالي ، وثالثا، لأن المطلوب هو استيعاب الأردن للاجئين من الضفة ولبنان وسورية الخ ورابعا ، لأنها ليست وحدة مع الشعب الفلسطيني ، ولكن مع بيرقراطية سياسية وأمنية تشكلت ، في ماضيها \” الثوروي \” ،على أساس رفض المملكة الأردنية الهاشمية ، ثم تبلورت في شبكة علاقات لا يعلمها إلا الله مع \” إسرائيل\” .
منذ ال67 حدثت تطورات نوعية عند الشعبين ، الفلسطيني والأردني. فطوال هذه العقود الأربعة ، طوّر الشعبان وطنيتاهما وشخصيتاهما ، ورسما حدودهما بصورة واضحة ودقيقة ولا تقبل الدمج القسري كما حدث في ال1950 ، فما بالك إذا كان هذا الدمج لمصلحة \” إسرائيل\” ؟
الشعب الفلسطيني ، بدوره ، لن يكف عن المطالبة بتحرير وطنه والعودة إليه . وهذا الشعب المكافح ليس تلك المجموعة من \” المتعاونين \” ، بل هو ذاته الشعب الذي يختزن طاقات نضالية لا تني تتفجر في ثورات وانتفاضات . ولن يكون الأردن ، أبدا، في موقع كبح النضال الفلسطيني كما هو مؤمل أميركيا و\” إسرائيليا\” .
ما هو المخرج الواقعي لاستحالة إقامة الدولتين ؟ أنه واضح تماما . فبدلا من الفدرالية الفلسطينية مع الأردن ، ينبغي المطالبة ، فورا، بالفدرالية مع \” إسرائيل\” في إطار فلسطين موحدة ديمقراطية يكون من حق جميع الفلسطينيين العودة إليها واكتساب مواطنتها ، وتحويلها إلى دولة مسالمة تعيش بإخاء مع الجوار العربي