الد كلالده ـ على رغم الخلافات بيننا في معظم السياسات الحكومية، فأننا أشفقنا عليك حين ظهر أنك ، يا دولة رئيس الوزراء ، الموكل بالولاية العامة ، وفق الدستور، لا تكاد تعرف شيئا عن صفقات بيع الممتلكات الوطنية ، تلك الصفقات المشبوهة الغامضة ، كما ظهر ، جليا ، في لقائك مع البرلمان. أن شرفك الشخصي ، وشرف الهيئة الدستورية التي تمثلها ، على المحك: فإما أنك تعرف ولا تريد أن تفصح ، فتكون شريكا في هدر ممتلكات الشعب الأردني، وإما انك لا تعرف شيئا ، كما نرجح ، فتكون قد فرّطتَ في ما هو أهم ، أي في الثقة البرلمانية ، والصلاحيات الدستورية ، وسيادة القانون .
خلال الجلسة البرلمانية المخصصة لبحث الصفقات، لم تستطع ، يا دولة الرئيس، أن تقدم أية معلومة حاسمة : هل حدثت الصفقات أم لا ؟ من هي الجهة صاحبة مشاريع البيع ؟ ومن هي الجهات المشترية؟ وقيمة البيوعات ؟ ومَن سعر الموجودات العقارية وكيف ؟ وما هي البنود التي سيتم استخدام الأموال لتغطيتها؟ قلت كلاما عاما ، يظل كلاما عاما لا تستطيع أن تجزم أو تحدد أو تؤكد .... ويعكس هذا الوضع الشخصي المؤلم ، وضع رئاسة الوزراء في الأردن ، والتي نُزعت عنها صلاحياتها الدستورية ، وصفتها السياسية ، لصالح حكومة ظل غامضة موجودة في الديوان الملكي، ويديرها، كما هو معروف، باسم عوض الله . وهو ، بصفته رئيسا للديوان الملكي، لا يعدو كونه موظفا حكوميا تابعا لك !
السيد رئيس الوزراء .. هذه نصيحة ودية من معارضين : لا تتحمل وزرهم ، ولا تأخذ عنهم عار بيع الممتلكات الوطنية في صفقات غامضة تفوح منها رائحة الفساد وتفكيك البلد ..
فالتاريخ لا يرحم ، والشعب لا يغفر ـ والله يمهل ولا يهمل . والدستور ينص صراحة على أن أوامر الملك الشفوية والخطية لا تعفي الوزراء من مسؤوليتهم . اعرض الأمر بوضوح : إما أن تسترد الحكومة صلاحياتها في الولاية العامة وإما أن تستقيل . لقد وضعتك الأحداث في موقع خطير، فإذا كنت على قدر المسئولية ، تستطيع ، مؤيدا بالغضب الشعبي والرأي العام ،أن تحسم إزدواجية السلطة ، سواء إذا بقيت رئيسا ذا صلاحيات أو استقلت كريما تضع كل رئيس بعدك في خانة الإختيار.
لم يعد القبول بازدواجية السلطة، وتهميش الحكومة ،ممكنا ، فقد وصل الأمر إلى رقبة الوطن. فعندما تتجاهل الحكومة ، خرق الدستور والقانون من قبل الديوان، فأنها تفتح الباب لكل أشكال الخروقات من كل جهة وصوب. وإذا لم تفعل شيئا الآن سوف تفقد حكومتك وكل حكومة آتية ، القدرة على الحكم . ما يزال لديك القليل من الوقت لكي تبرهن على ولائك للأردن وانتمائك لأرضه وناسه