ظهر هذا الاسم نتيجة انتصار الحركة الإبداعية الرومنسية في الأدب الأوربي والأمريكي في النصف الأول من القرن التاسع عشر. ولم تأت الحركة الرومانسية إلا ثمرة التمرد المتأني على التقليد المهيمنة في الكلاسيكية المحدثة. ويمضي هذا التمرد إلى أبعد من هذا ويواصل نشاطه، في مراحله الأولى على الأقل، كحملة راسخة ضد العناصر الفردية للتقاليد الكلاسيكية المحدثة. فبدلاً من وصف الشخصيات العظيمة أو النموذجية، يهدف المؤلفون لإبراز الشخصيات الوضعية والشاذة والغريبة. وبدلاً من استخدام نوع ثابت من الأسلوب الشاعري النبيل يُعنى الكتاب بإثراء اللغة اليومية للأشخاص الواقعيين. وبدلاً من تقييد أنفسهم ببضعة أنماط من المنظومات الثابتة مثل الشعر البطولي الإنكليزي بشطراته وتفاعيله والشعر الفرنسي سداسي التفاعيل، فإنهم يمارسون كل نوع ممكن من وزن أو مقطع شعري. وبدلاً من محاولة أن يكونوا موضوعيين، سيعكسون إلهاماتهم الشخصية الفريدة، ومع أنهم لم يتمكنوا من نبذ الثقافة الكلاسيكية القديمة تماماً، بيد أنهم رسموا شخصيتهم بمزيد من انطباعاتهم عن الكثير من الأدب الشعبي في العصور الوسطى، لقد أطاح المؤلفون بمفهوم المثل وذوقهم؛ وذلك بالبحث صراحة وبحماسة إلى حد ما في مواضيع محرمة مثل الاتصالات الجنسية غير الشرعية.
تتجلى بدايات الحركة الرومانسية بأشكال متنوعة ظهرت قبل الرومانسية وذلك في الفترة الأخيرة من الكلاسيكية المحدثة. ويمكن أن نجد آثار الأدب في سلسلة مشوقة من العلاقات المتبادلة بين فرنسا وألمانيا وإنكلترا. ولا نجد مشقة في فهم الاتجاهات العامة للتطور. ففي سنة 1750 نال روسو جائزة من خلال مقالة يقول فيها إن الطبيعة السليمة طبيعة خيرة، وإن ما يحسبه الناس تقدماً ليس إلا فساداً. وهكذا بدأت مهنة أدبية لم تتوقف في مواجهة كل مبدأ عزيز للكلاسيكية المحدثة. ويحتوي المقطع الثاني من كتابه "اعترافات"، وهو آخر كتبه وأكثرها تأثيراً، على إفادة يمكن أن تكون شعار معركة الحركة الرومانسية كلها: "أنا لم أخلق مثل أي شخص رأيته؛ وإذا لم أكن أفضل منه فإنني على الأقل مختلف عنه".
عندما نشرت هذه الكلمات أصبح اسم روسو مألوفاً في أوروبا الغربية. وكانت مؤلفاته الأولى قد ارتبطت بالتيارات الفكرية، الأمر الذي ساعد على تقديمها للجمهور لتشكل تياراً عريضاً من التمرد أخذ بالاتساع. كان الأدب الشعبي يجمع في إنكلترا؛ كما لاقى ثناءً في ألمانيا. وفي التمثيليات الأولى لـ غوتيه وشيلر، لم يرفض المسرح الألماني نمط الكلاسيكية المحدثة من أجل نمط عصر إليزا بيت، ولكنه مجد المتمرد، أي البطل الرومانسي النموذجي. ولم تؤد هذه الحركة في ألمانيا في السبعينات من القرن الثامن عشر إلى الحركة الرومانسية مباشرة، علماً أنها جزء منها. مثلاً بدأ غوتيه العمل في الفترة الكلاسيكية. وأصبحت تمثيليات شيلر، التي نجد فيها ملامح رومانسية عديدة، أقل ثورية وأكثر رسمية. لقد استجابت إنكلترا وفرنسا وتأثرتا بالاتجاهات والنزعات الألمانية. وزادت العناصر الرومانسية في الأدب الإنكليزي لمدة نصف قرن تقريباً قبل نشر القصائد الغنائية للشاعر ووردز وورث وكوليردج وخاصة الطبعة الثانية من مقدمة ووردز وورث عام (1800)، وهي من الأمور التي أظهرت للعيان ما يسمى البداية الرسمية للحركة الرومانسية في إنكلترا. في هذه الفترة، كان كوليردج يمضي بعض الوقت في ألمانيا؛ وكان ووردز وورث في فرنسا عشية الثورة الفرنسية. إننا نلاحظ في الأعمال المتأخرة للرومانسيين الإنكليز أن لآداب وفلسفة بعض المؤلفين الألمان، وأدب أوائل القرن التاسع عشر تأثيراً واضحاً على مؤلفين إنكليز مثل كوليردج وسكوت. كان التأثير الألماني جلياً وظهر حتى في مؤلفات الكتاب الذين لم يكن لهم علاقة مباشرة به.
عند نهاية القرن، بدأت الحركة الرومانسية بمعناها الضيق في ألمانيا من خلال مجموعة كبيرة من المؤلفين الموهوبين. ومع أنه كان للحركة إنجازات رفيعة المستوى في معظم فروع الأدب، نجد أعظم منزلة للحركة في الشعر الغنائي وفي الأدب غير الواقعي. وهذا النوع الأخير مدين للرواية القوطية الدارجة، ولكنه أعمق في خياله وفي حبه للدعابة. إبان هذه الفترة، تابعت ألمانيا العمل الذي بدأه هيردر في جمع الأغاني الشعبية، وبدأت تجمع الحكايات الشعبية وتضع أسساً لدراسة الفولكلور كشكل من أشكال الأدب.
وكما يتوقع المرء فإن البلد الذي أتى بالكلاسيكية المحدثة قد واجه مشقة كبيرة في التخلص منها.
ومع أن روسو أطلق إلى حد ما الحركة الرومانسية، غير أن فرنسا تأخرت في الانضمام إلى الحركة واللحاق بها. وقد يعود سبب هذا التأخير بدرجة ما إلى مقدار النشاط الذي دخل إلى الرومانسية السياسية للثورة. وقد يكون هذا صحيحاً؛ لكننا في الواقع نجد البدايات في كتابين ألفتهما مدام "دوستال" بعد انتصار الرومانسية الإنكليزية. فكتابها "عن الأدب" عام (1800) ينظر إلى الأدب على أنه منتج من منتجات المجتمع؛ ولذلك يوجه ضربة شديدة إلى فكرة القواعد الثابتة والمبادئ الدائمة. وفي كتابها "عن ألمانيا" عام (1810) تكشف المؤلفة لفرنسا لأول مرة عالم الأدب الألماني (الرومانسي). كما يرد استعمال كلمة "كلاسيكي ورومانسي" لأول مرة وذلك في فصل بعنوان "الشعر الكلاسيكي والرومانسي" للتفريق بين نوعين من الأدب مختلفين اختلافاً أساسياً. لم ينظر إلى الكتابين ككتابين فرنسيين فيما يتعلق برغبتهما في التغيير وإطرائهما للثقافة الأجنبية (المعادية).
ولذلك طردت مدام دوستال من باريس بسبب كتابها الأول؛ ثم طردت من فرنسا بسبب كتابها الثاني. بيد أن أفكار الكتابين أحدثت تقدماً تدريجياً. إن الانتصار الرومانسي في فرنسا يؤرخ بدءاً من عام 1820 في مجال الشعر وذلك من خلال كتاب "تأملات شعرية" للمؤلف "لامارتين" ومن خلال مسرحية "هيرناني" للمؤلف "فيكتور هوغو". على كل حال، لم يسقط المسرح، معقل الكلاسيكية المحدثة، في ذلك الوقت المتأخر من دون نضال؛ وليست معركة "هيرناني" الموصوفة بالاضطراب الاجتماعي والسلوك الفوضوي في المسرح إلا فصلاً مسلياً من التاريخ الأدبي الفرنسي.
في أوج الحركة الرومانسية كان التواصل الأدبي بين أمم أوربا الشمالية نشيطاً. وقد جاء ذكر بعض مجالات التأثير المتبادل. وثمة آثار أخرى مثل الانتشار الهائل لبايرون في أوربا الذي وصل حتى روسيا، وكالانتشار السريع والرواج الواسع للرواية التاريخية التي أتى بها "سكوت". وهناك حقيقة لافتة للنظر ذات صلة بالحركة الرومانسية وهي أعمال شكسبير التي هيمنت على المسرح وأنعشته في فرنسا وألمانيا. ولكن إنكلترا (التي قدمت لنا شكسبير والمؤلفين المسرحيين الآخرين لعصر النهضة) لم تقدم لنا أية أعمال مسرحية ذات شأن، مع أنه كان ثمة بعض التمثيليات الشعرية المرموقة "لبايرون وشيلي مثلاً" التي كان المقصود منها أن تقرأ أكثر من أن تمثل.
تكون الحركة الرومانسية في أوج عظمتها عندما تقدم لنا الشعر الغنائي. وليست الرومانسية إلا إبرازاًَ للشخصية الفردية، وما الشعر الغنائي إلا ذروة التعبير الشخصي المباشر. لم يزدهر الشعر الغنائي في ظل الكلاسيكية المحدثة بسبب النزعة القوية نحو حجب الفرد وإغفاله، ولكنه انتشر على نحو مفاجئ ولاقى استحساناً غير مسبوق في جميع أنحاء العالم. إن عدداً وافراً من الشعراء الرومانسيين عبارة عن أسماء معروفة حتى بالنسبة لأشخاص لم يقرؤوا قصائدهم مثل ووردز وورث وكوليردج وبايرون وشيلي... بالنسبة لكل الناس الذين يتكلمون اللغة الإنكليزية. كما أن غوتيه وهوغو وبوشكين... شعراء معروفون دائماً وأبداً في أقطارهم وفي كثير من الأقطار الأخرى. وعلى نحو مشابه، كان ثمة مقالات معروفة، وخاصة في إنكلترا، تتحدث عن خصوصيات المؤلف ونقاط ضعفه أو فرط حساسيته؛ كما بدأت تعطي معلومات عن ردود فعل الكاتب نحو بحث محدد أكثر من ردود فعله نحو بحث ينظر إليه بموضوعية. وكان "لام" أعظم من كتب بهذا الأسلوب إضافة إلى آخرين.
تركزت الحركة الرومانسية في فرنسا وألمانيا وإنكلترا، ولكنها انتشرت أيضاً في أوروبا والعالم الغربي. لذلك نجد حركات رومانسية بارزة في بلاد مثل إيطاليا وبولندا وروسيا، مع العلم أنها ليست قوية أو واضحة مثل الرومانسية في الأمم القيادية. أما الجانب المشوق للغاية لانتشار هذه المدرسة الأدبية فهو امتدادها عبر المحيط الأطلسي. لقد بدأ الأدب الأمريكي، كأدب إنكليزي انتقل إلى أمريكا الشمالية وكأدب إسباني وبرتغالي انتقل إلى أمريكا الوسطى والجنوبية. وبعد بداية كيان مستقل، اتصفت الآداب الجديدة لبعض الوقت بالمحاكاة والتقليد. ويحتاج الأمر إلى اختصاصي أو شخص متعصب لبلاده لتطوير الكثير من الحماسة نحو كتابة أمريكية من أجل المستعمرات الأصلية المكونة للولايات المتحدة؛ علماً أن أمريكاً اللاتينية سبقت أمريكا الشمالية وتفوقت عليها إلى حد ما في هذا المجال. ومن خلال الحركة الرومانسية، ولأول مرة، بدأت الأمريكيتان، وخاصة الولايات المتحدة، تأتي بأدب وفق الروح الأوروبية لذلك العصر، ولكنه يتحلى بالقوة والأصالة الكافيتين على نحو يلفت الانتباه وينال الاحترام خارج حدودها. ولولا بعض الأساليب العريضة، لكان أول من ترك انطباعاً أوروبياً جيل المؤلفين "كوبر" و"هوثورن" و"بو"... من الرومانسيين الأمريكيين.
كانت الحركة الرومانسية حركة دولية؛ وبالرغم من ذلك، تضمحل أو تنتهي في أوقات شتى أو طرق متباينة. فقد تراجعت في فرنسا قبل منتصف القرن أمام المذهب الواقعي والمذهب الطبيعي في مجال الأدب القصصي، وكذلك أمام المذهب الشعري الفرنسي (برانسي)، ومن ثم أمام المذهب الرمزي في الشعر.
وفي ألمانيا تراجعت الحركة بالتدريج أمام المسرح؛ إلا أن الحركة دامت في مجال الشعر مع بعض التعديلات واستمرت حتى القرن الحالي. ومن المألوف أن نميز في الأدب الإنكليزي بين الحركة الرومانسية والعصر الفكتوري، آخذين بعين الاعتبار عام 1832 كحد فاصل؛ ولكن ليس لهذا التميز شأن كبير. على الرغم من أن مؤلفي العصر الفكتوري أضافوا بعض العناصر الجديدة مثل الأهداف الاجتماعية الإنسانية والمعاني القوية من الذوق واللباقة، إلا أن الحركة الأولى استمرت بشكل أساسي حتى نهاية القرن التاسع عشر تقريباً. أما الرومانسية الأمريكية فقد واصلت تأرجحها حتى الحرب الأهلية. ويرى مؤرخو الأدب أحياناً أن نهايتها جاءت عام 1855 على يد الكاتب "ويتمان". ويرون في أحيان أخرى أنها تستمر حتى انتصار كتّاب اللون المحلي عام 1870 تقريباً. هنا يصعب أن نحدد تغيير الاتجاه؛ فمثلاً رجلٌ مثل "بربت هارت" يتحلى بأكمل الصفات الممكنة من الرومانسية لا يتخلى عن مقدار محدد من الوصف الواقعي. أما تغيير الاتجاه الجوهري في مجال الأدب القصصي، فقد أتى على يد "ستيفن كرين" في التسعينات من القرن التاسع عشر وكذلك على يد "درايزر" في بداية القرن العشرين. وبالرغم من شبه العزلة لشخصية الكاتب "ويتمان"، كان الشعر الأمريكي رومانسياً على نحو جوهري حتى مجيء شعراء المذهب التصويري الحديث عام 1913 تقريباً الذي حدد بزوغ الشعر "الحديث".
من هذه النهايات المتباينة للحركة الرومانسية، يتضح أنه ليس هناك نزعة دولية مشابهة حذت حذوها؛ علماً أننا نستطيع أن نلمح ميلاً نحوها قد أفسح المجال أمام نوع ما من المذهب الواقعي. ويبدو انه من الصعوبة بمكان أن نميز بين التيار الرئيسي والتيارات المعاكسة وحالة الركود ـ وربما ثمة اضطراب كبير ولا نجد تياراً رئيسياً. على كل حال، ومنذ نهاية الحركة الرومانسية، قد يكون هذا هو حال التاريخ الأدبي للعالم الغربي: خليط مشوّش من الاتجاهات والنظريات العابرة وغالباً المتضاربة حول المذهب الواقعي والطبيعي والرمزي والتصويري والإقليمي والتعبيري والانطباعي والسريالي والوجودي ـــ والصحفي.
إذاً الرومانسية موقف أو اتجاه فكري ميّز عدداً وافراً من الأعمال الأدبية والموسيقية وفن العمارة والنقد الأدبي والتاريخ الرسمي في الحضارة الغربية في فترة امتدت من أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر. ونستطيع أن نرى في الرومانسية نبذاً أو رفضاً لنمط ورصانة وتناغم واتزان ومثالية وعقلية جسدت الكلاسيكية عموماً والكلاسيكية المحدثة خاصة في أواخر القرن الثاني عشر.
لقد أتت الرومانسية إلى حد ما كرد فعل لحركة التنوير والمذهب العقلي في القرن الثامن عشر والمذهب المادي بوجه عام. كما أكدت على الفرد والذاتية الشخصية وما هو غير منطقي وعلى الخيال والنفس والعفوية والعاطفة والأحلام وعلى كل ما يسمو فوق الوجود المادي.
وثمة مواقف مميزة للرومانسية ومن بينها: إعجاب عميق بجمال الطبيعة؛ تمجيد للعاطفة أكثر من تمجيد العقل، وتقدير للإحساس أكثر من تقدير الفكر؛ التفات نحو الذات ودراسة مضاعفة للشخصية الإنسانية وطباعها وقدراتها الذهنية؛ الاكتراث بالنابغة أو العبقري والبطل والشخصية البارزة عموماً والتركيز على انفعاله ونزاعه الباطني؛ نظرة جديدة للفنان كإنسان مبدع مستقل يتميز بروح خلاقة لها شأن أكبر من شأن الالتزام الصارم والتقيد المتزمت للقواعد المنهجية والنظم التقليدية؛ التأكيد على الخيال كمدخل لحقيقة روحية ولخبرة تسمو على الوجود المادي وتتجاوزه؛ شغف مفرط بالثقافة الشعبية وبنشوء الثقافة القومية والإثنية وبالعصر الوسيط؛ ميل نحو ما هو غريب في اللون والطراز، وما هو بعيد وغامض وسحري ومكتنف بالأسرار وشاذ وسقيم وحتى ما هو شيطاني.
الأدب
قبل ظهور الرومانسية، نشأت عدة أمور ذات صلة بها في فترة تدعى ما قبل الرومانسية وذلك بدءاً من منتصف القرن الثامن عشر. من بين تلك الأمور الميل نحو تقدير جديد للقصة الرومانسية romance في العصر الوسيط، والتي اشتقت الحركة الرومانسية اسمها. كانت القصة الرومانسية عبارة عن حكاية عن حياة الناس الخاصة أو قصيدة قصصية حول مغامرة فروسية تؤكد على البطولة الفردية وعلى ما هو غريب وغامض، وتتعارض تماماً مع الشكل الأنيق وتكلف الأنماط الكلاسيكية في الأدب، مثل المأساة في الكلاسيكية المحدثة الفرنسية أو المقطع الشعري ذي الوزن الملحمي الإنكليزي. هذا الاكتراث الجديد بأسلوب أدبي سابق غير المعقد نسبياً والعاطفي على نحو واضح كان ينبغي أن يكون سمة بارزة في الرومانسية.
بدأت الرومانسية في الأدب الإنكليزي في التسعينيات من القرن الثامن عشر من خلال نشر القصائد الغنائية للشاعر ووردز وورث وكوليدرج ومقدمة ووردز وورث في الطبعة الثانية عام (1800) للقصائد الغنائية التي وصف فيها الشعر بأنه "فيض ذاتي عفوي من المشاعر القوية". وقد أصبح هذا الوصف بياناً رسمياً للحركة الرومانسية الإنكليزية في الشعر. أما في ألمانيا، فقد تميز أول طور للحركة الرومانسية بالتجديد في المحتوى والأسلوب الأدبي والعناية بما هو غامض وبما هو دون الوعي وبكل شيء خارق للطبيعة. وكانت مدام ستال وأمثالها من بين أول مَنْ مهد الطريق للرومانسية وذلك بفضل كتاباتهم التاريخية والنظرية التي كان لها التأثير الكبير.
تميز الطور الثاني للرومانسية، بين عام 1805 تقريباً والثلاثينيات من القرن التاسع عشر، بسطوع الوعي القومي المستولد وبالانتباه الجديد نحو النشأة القومية كما وضح ذلك من خلال جمع الأدب الشعبي القومي ومحاكاته ومن طريق القصائد الغنائية والشعر الشعبي وعبر الموسيقا والرقص الشعبي إضافة إلى الآثار الأدبية والفنية للعصر الوسيط وعصر النهضة التي كانت قد أهملت في الماضي.
أما التقدير التاريخي الذي ازدهر مجدداً، فقد ترجمه ترجمة بارعة السير وولتر سكوت وهو غالباً ما اعتبر الكاتب الذي جاء بالرواية التاريخية. وفي هذه الفترة ذاتها، وصل الشعر الرومانسي الإنكليزي إلى أوجه على يد الشعراء جون كيتس واللورد بايرون وشيلي وغيرهم.
ونتيجة للشغف الرومانسي بما هو عاطفي، نتج عن ذلك أيضاً نشر المؤلفات التي بحثت عن كل ما هو خارق للطبيعة وعما هو سحري ورهيب مثل فرانكشتاين والمركيز دوساد.
في العشرينات من القرن التاسع عشر انتشرت الرومانسية واتسعت حتى شملت آداب كل أوروبا تقريباً. وفي أواخر الطور الثاني، كانت الحركة أقل شمولاً ولكنها ركزت أكثر على التراث الثقافي والتاريخي للأمة وعلى دراسة انفعال الأشخاص البارزين ونضالهم في معظم أقطار أوروبا وفي أمريكا قبل فترة الحرب الأهلية.
الفنون البصرية
في الستينات والسبعينات من القرن الثامن عشر، بدأ عدد من الفنانين في بريطانيا وروما برسم مواضيع تتعارض مع الذوق المتزمّت، وتتضارب مع المواضيع التاريخية الكلاسيكية والأسطورية للفن المجازي التقليدي. وفضّل هؤلاء الفنانون الأفكار الشاذة والمثيرة للعواطف، أو المواضيع الملحمية النابضة بالحياة.
كما وضحوا صورهم برسم تخطيطي مؤثر من خلال التباين بين النور والظل.
وهناك من رسم صوراً تمثل مناظر ريفية رائعة تثير العجب والإعجاب.
في فرنسا، رسم كبار الرسامين الرومانسيين الأوائل لوحات درامية لأحداث معاصرة من حروب نابليون ومشاهد للألم والمعاناة أو البطولة الفردية. وثمة من اشتهر ببراعته في استخدام فرشاه الرسم واستعمال الألوان الغنية والمواضيع الغريبة في لونها وطرازها. في ألمانيا، اخذ الرسم شكل اللون الرمزي والمجازي أو شكل المشاهد الطبيعية الصامتة والمقفرة التي يمكن أن تخلق في المشاهد شعوراً من الرهبة والطقوس الدينية.
الموسيقا
تميزت الرومانسية الموسيقية بالتأكيد على الأصالة والفردية والتعبير العاطفي الشخصي والحرية في اختيار الأسلوب الفني وتجريبه. وزادت احتمالات الصياغة الدرامية من خلال توسيع الكثير من الأدوات الموسيقية وتحسينها وخلق صيغ موسيقية جديدة. ومن كبار الملحنين في الطور الأول من الرومانسية شوبان وليزت.
بدأت الأوبرا الرومانسية في ألمانيا بألحان كارل ويبر. أما في إيطاليا فقد تطورت بألحان أمثال بيليني وروسيني. ووصلت إلى أوجها على يد فيردي. أما في ألمانيا، فقد وصلت الأوبرا الرومانسية إلى الذروة من خلال الملحن ريتشارد واغنر.