ومن غير المنصف أن ننكر النفس الفوضوي الواضح أدناه:
من النص:""والأفراد، والمؤسسات التى يمكن أن تتمتع فعليا بالحرية أو يمكن أن تحرم منها و يمكن أن تقيد حريتها تختلف عن نوع آخر من الكائنات الخيالية التى لا توجد إلا فى عقول البشر كمجرد أفكار مثالية مجردة لا يمكن لنا أن ندركها ، فهى محض تصورات مفترضة كالجن والعفاريت لا أثر لها فى الواقع الاجتماعى، و من ثم فهى لا يمكن أن تتمتع بالحرية أو أن تحرم من تلك الحرية إلا فى أذهان مبدعيها من البشرشأنها شأن كل الأوهام والأساطير والخرافات، ذلك لأنها كائنات لا تتمتع لا بالإرادة ولا بالوعى الضروريان للتمتع بالحرية، و من بين تلك الكائنات المثالية وأشهرها فى الاستخدام يمكن أن نذكر الوطن والجماهير والشعب والأمة والطائفة وغيرها، فالحديث عنها باعتبارها كائنات واقعية يمكن أن تتمتع بالحرية أو أن تحرم من تلك الحرية، هو مجرد سقط حديث حتى ولو كان مثل هذا الحديث هو جوهر كتابات فيلسوف بارز مثل فختة صاحب كتاب "رسائل إلى الأمة الألمانية"، وهو مجرد لغو فارغ برغم أنه شائع الاستخدام للغاية و إلى حد الملل فى الخطابات السياسية الإيديولوجية، والكتابات الأكاديمية والتعليمية، و المواد الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية، و الأعمال الفنية و الأدبية وعلى ألسنة العامة من الناس، وهى أفكار رغم لاعقلانيتها وتهافتها فهى الأشد تأثيرا فى الناس ووعيهم وأفعالهم . إلا أنه وبرغم تأثيرها الطاغى فهى محض أساطير يصنعها الطامعين فى التسلط على الناس لتبرير تسلطهم لا غير، و ينخدع بها من ينخدع من هؤلاء الناس لتفسير خضوعهم لذلك التسلط، ويرددها البعض دون أن يعوا حقيقة ما يقولون.
إلا أن كل هذا الشيوع الساحق لتلك الأفكار فى أذهان الناس وعلى ألسنتهم وفى كتاباتهم، ومما بلغت أقدارهم ومكاناتهم وحذلقتهم لا يعطي تلك الكائنات أى قدر من الحقيقة الواقعية، وذلك ببساطة لأن الأوطان والشعوب والجماهير والقوميات والأمم والطوائف وغيرها من تلك الكائنات الهلامية لا يمكن لها أن تختار قرارا بعينه من بين العديد من القرارت التى يمكن أن تطرح عليها، ولا يمكن لها أن تمارس فعل محدد أو تمتنع عنه، بالانفصال عن إرادة ووعى الأشخاص المجبرين على الانتماء إليها غالبا، ولا الأشخاص الذين يدعون تمثيلها، و سواء كان هؤلاء أفراد، أو مؤسسات فأن لكل منهم كل على حدى إرادة ووعى ومصالح مختلفة عن غيرهم من الأفراد والمؤسسات، و قد يتوحد هؤلاء الأشخاص وفق مصالحهم المشتركة أو يتصارعون وفق مصالحهم المتعارضة، كأفراد ومؤسسات، وهذا هو ما يشكل الواقع الاجتماعى الحى الملموس القائم على أساس صراعات وتحالفات اجتماعية قائمة على أساس المصالح المتعارضة والمشتركة، كما هو قائم على توازنات القوى، وفق ما يملكه كل فرد أو مؤسسة من عناصر السلطة المادية فى صراعاته وتحالفاته المختلفة مع الأفراد، والمؤسسات الأخرى. ""
الرابط:
http://www.kefaya.org/06znet/060615ssabbud.htm