هذا "الشيء" الوارد قبلاً** ، ليس شعراً أو نثراً، بل هو سوناتا كلاسيكية، مثل "ضوء القمر"، حتى أن حركاتها (movements) الثلاث مبنية بالتدرج المعمول به عالمياً: حركة سريعة الإيقاع (Allegro) تصل قمتها عندما تصرّح بأن "أطلع من راسك"، متبوعه بحركة عميقة ذات ايقاع أقل سرعة (Adagio)، ثم تعود مع "رجفة ترقص بين الشفتين" وتطير بي شغفاً إلى الشمس بنشوةٍ باندفاع إعصار...
بعد أن قيل هذا، ربما يجدر بي أن أضيف أنني لا أحبك أيضاً... لا أحبك بهوس وعنف شديدين، يعود لهما الفضل بارتباكي وعدم اتزاني الذي أصبح حالتي الطبيعية منذ أن أحصينا النجوم معاً. لا أحبك، وأنت لستَ الفكرة الوحيدة التي تملؤني يومياً، ولست السبب الذي يسمرني أمام شاشة باردة بإنتظار أن يصبح اللون بجانب إسمك أخضر. أنت لست ثورتي الجميلة وتصوفي... أنت... أنت لست حبيبي.
نبيذك، الحلو والمر في الكأس ذاتها، أسكرني وقد أدمنتك.
تقول لي أنك تريد أن تكون زهرة أضعها في شعري، وتطلب أن لا أغلق عليك كتاباً لأحفظك فيه. لا تقلق، مسؤولي، فسأعمدك بالشمع الحار. فمع أنني أمطر ثلجاً على أغوارك أحياناً، إلا أن إغلاق كتاب ثقيل على جمالك أمرٌ يتعدى برودتي. لذا، (ومن باب أثباتك مخطأً، أيضاً، بمنطق أنثوي) سأحملك بين اصابعي المضمخة بقبلاتك الحارة، زهرة قرمزية، أدهن جسدك بحرارة شمع لا لون له، لأحفظك تمثالاً من رخام أمارس الحب معه في طيات لحظات، خلال نظرات خاطفة.
تشعلني مع كل سيجارة غيرة، فعشيقتك هذه التي تترك سريري لتخرج إليها لتحرقها قـُبلاً على شرفتنا، تقتلني غيرة... وأنتظرك كإنتظار طفلة لعيد الميلاد طوال دقائق تمتد فصولاُ مشمسة
وباردة، لتأتي وتخبرني عن البحر حيث كنتَ تجذف وعن ألوان الأسماك التي إلتقطتـَها... ولا زلتُ أتقد غيرة ً منها. فلها قـُبَل أكثر، ورحلاتك البحرية، حتى أنك تعود إلي وراتحتها لا تزال فيك... إبقَ على الأقل، ودع دخانها يقتلني، يقتلنا معاً.
أنت وأنا... وسيجارتك ووسادتي، وسريرنا والنجوم، والزهرة وكتبنا وشمعنا... وانتم...
** (الرسالة الثانية من كمال خوري)
~ جولي ~